التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أزمة القيادة النسائية عند الحركات الإسلامية. تأملات في مؤتمر التجديد الطلابي السابع.


أزمة القيادة النسائية عند الحركات الإسلامية. تأملات في مؤتمر التجديد الطلابي السابع.


-قراءة العملية الإنتخابية:

قبل أن ابدأ في توصيف الأحداث، سأقدم نبذة عن مسطرة الإنتخاب لدى منظمة التجديد الطلابي، ينتخب الرئيس أوليا بتصويت المؤتمرين على ثلاث أسماء، ويتم التداول في المترشحين الخمس الأوائل يحتفظ بسادس اذا تساوت نتيجته مع الخامس (وهذا ما حصل في المؤتمر الذي نحن بصدد دراسة نتائجه)، ثم يتم التصويت على اسم واحد من بين الأسماء المتداول فيها.
عملية التصويت سرية.
مبدئياً عملية التصويت ديموقراطية يحق الفخر بها، ماعدا ثغرة غياب المناصفة

لا يخفى على متأمل في نتائج التصويت الأولي لإنتخاب رئيس منظمة التجديد الطلابي إنعدام القيادات النسائية، العملية هي -وكما سبق وأوضحت- أن يقوم كل مؤتمر بالتصويت على ثلاث أسماء على الأكثر، كانت النتيجة الأولية هي 6 مقترحين ليس من بينهم أنثى واحدة، وأدنى واحد من 6 الأوائل حصل على 29 صوت، يعني أنه لم تستطع أي واحدة من المترشحات التي تتوفر فيهن الشروط الحصول على ما يفوق أو يساوي 29 صوت. مع العلم أنه المؤتمرات كان عددهن يفوق 70 مؤتمرة، أي أنه لا ثقة للمؤتمرات في بنات جنسهن، ولا في القياديات الذي كن في اللجنة التنفيذية السابقة، فلو صوت النصف من المؤتمرات على اسم واحد من القياديات المذكورات سلفا، كانت ستترشح إحداهن في اللائحة الأولية، بل لو أدرجن إسمهن على سبيل الاستئناس كثالث اختيار في الثلاثة التي من حقها اقتراحهم. 
أما بالنسبة لنواب الرئيس الإثنين الذي يقترحهم الرئيس للتصويت، لم تكن من بينهما أنثى، هذا ونذكر انه نسبة الأعضاء الإناث في منظمة التجديد تساوي او تفوق نسبة الأعضاء الذكور في العديد من الفروع.
بالنسبة لأعضاء اللجنة التنفيذية 14 الذي تم اقتراحهم من طرف الرئيس ونائبيه ضمت اللائحة ثلاث أسماء من الإناث. إحداهن متخرجة أكثر من 4 سنوات، والباقيتان كان تخرجهما من سلك الماستر والهندسة هذه السنة. هن نفس المترشحتين اللائي كن في اللجنة التنفيذية السابقة والتي كما سبق ووضحنا لم يتوفقن في كسب نصف أصوات النساء قبل الرجال من المؤتمرين.

بعد سردنا وتوصيفنا لموقع القيادة النسائية من خلال المؤتمر نطرح الإشكالية التالية التي من خلالها سنحاول تشخيص مكامن الأزمة.
هل سبب أزمة القيادات النسائية في منظمة التجديد الطلابي ذاتي؟ أو موضوعي؟ أو تنظيمي؟

-تشخيص الأزمة:

أظن أن الأزمة تركيب من الطروحات الثلاث، الأزمة هي ذاتية وموضوعية وتنظيمية. سأحاول إيضاح معالم هذا من خلال النقط الآتية:

أولا: في الإسلام السياسي عموماً ما يخفت بريق القيادات النسائية وهذا بسبب الثقافة المتراكمة لدى أعضاء هذه التنظيمات، حتى وإن بدا تحررها من بعض المفاهيم، كمثلا الفكرة التي تقول لا تولوا أمركم للنساء، جاءت الدولة الحديثة بمفاهيمها الجديدة لتدحض مثل هذه الأفكار لكن ترسبها باق في المجتمعات العربية خاصة التنظيمات ذات المرجعية الإسلامية فتجد أعضاءها يسخرون من أن تقودهم أنثى، بل تجد أن حتى النساء في هذه التنظيمات تقتنع بفكرة انها أضعف من أن تتحمل مسؤولية القيادة .

ثانيا: الفهم المغلوط لفكرة الحياء وترسبات أفكار كصوت المرأة عورة، الفتاة المحتشمة هي التي لا تتحدث كثيراً..إلخ هذه الأفكار التي تقول منظمة التجديد الطلابي أنها تجاوزتها، إلا أن نَفَسُها لايزال حاضراً، وبشكل بارز، إن لم أقل أن بعض الأعضاء لايزالون يؤمنون بها، (في حلقية نسائية بملتقى المناضلين السنة الماضية ببني ملال، دعتنا إحدى الطالبات -عضوة- إلى عدم التدخل في الحلقيات لأن صوت المرأة عورة).

ثالثاً: عدم وجود أي قاعدة قانونية في القانون الداخلي لمنظمة التجديد الطلابي تتحدث عن التمثيلية النسائية، وإن كانت جل الجمعيات المدنية في ظل الدولة الحديثة تؤطر في قوانينها التمثيلية النسائية.
مع إستحضار أن دستور المملكة المغربية ينص في فصله 19 عن المناصفة. 

رابعاً: عدم وجود أي تكوين أو نشاط أو استراتيجية لتجاوز أزمة القيادات النسائية، هذا المشكل المتجدر منذ ظهور هذه المنظمة، بل حتى في أوراق التي صادق عليها المؤتمر -الذي نتدارسه الآن- لم يتم إعتماد أي سياسة لتخريج القيادات النسائية. وهذا يحيلنا لطرحين، إما أن منظمة التجديد الطلابي غير معترفة بأن هناك أزمة قيادة نسائية، وإما أنها تعرف بوجود الأزمة ولا يهمها حلها.

إذاً: المشكل الذاتي لأن الطالبة التجديدية لا تستطيع أن تثق بنفسها وتعمل على تكوين شخصها لتستطيع قيادة المنظمة، وهذا المشكل الذاتي سببه موضوعي ويرجع للنفس العام الذي يجعل من القيادة النسائية أمر غير طبيعي، وهذا السبب الموضوعي يرجع لسبب تنظيمي يتجلى في عدم إرادة المنظمة في أن تحل المشكل بإعتماد قانون يؤطر التمثيلية النسائية توفر الشرعية لوصول النساء للقيادة، وتكسبهن التجربة والثقة لتجاوز المشكل الذاتي والموضوعي.


فكرة المناصفة: 
تم تقديم فكرة المناصفة لأول مرة من طرف النسوانية الفرنسية الجريئة أوبتين أوكلير سنة 1884.
شخصياً أعتبر فكرة المناصفة الحل الأولي والوحيد -وفق الشروط الحالية- لضمان حق المرأة، رغم أني من معارضي فكرة المناصفة في جوهرها لأنها تكرس منطق أن المرأة أضعف من الرجل وتختلف عنه وأنها تحتاج لقاعدة قانونية تسمى المناصفة لتحميها.
لكن نجد أن لا فكرة المساواة في الحقوق ولا فكرة الديموقراطية تشيران إلى نموذج مثالي للاختلاط الفعلي للمؤسسات المنتخبة، وبشكل أقل إلى اقتسام متساو أو منصف للسلطة، فوحدها فكرة المناصفة تتضمن شرط الاقتسام هذا وبذلك فهي تعتبر فريدة من نوعها وجديدة سواء من حيث المبادئ أو من حيث الحياة الديموقراطية نفسها.

الحل العملي:
حتى لا أكون قد توقفت في حدود النقد، وبصفتي عضو منظمة التجديد الطلابي فرع الرباط، لقد قمت بدراسة دقيقة للقانون الداخلي لمنظمة التجديد الطلابي، وأعددت تعديلا يؤطر فكرة المناصفة بشكل قانوني وكلي أمل أن يتم تبنيه من طرف اللجنة التنفيذية وتطرحه للتدارس والتصويت .

ملاحظة:
1- استخدمت مصطلحات من قبيل: نساء، انثى، رجل، ذكور ، والأجدر وأنا اتحدث عن منظمة طلابية أن استخدم مصطلحي طالب وطالبة، إلا انه عددا من المؤتمرين والاعضاء ليسوا بطلاب.
2- أدرجت في احدى الفقرات فكرة مستنبطة من حديث ضعيف 'لا يفلح قوم ولوا امرهم لامرأة'، عموماً انا هنا لست لمناقشة مصداقية الحديث لأن هذا لا يدخل في تخصصي، لكن ما يهمني هو الفكرة المستنبطة من الحديث والتي سيطرت على لاوعي الكثيرين.
3- مقالي هذا كتبته نظرا لغيرتي على المبادئ العليا المستنبطة من روح الله (العدل، الكرامة، الحرية..)وغيرة على تنظيمنا، وعلى الطالبة.
4- أن هذا تحليل شخصي بناءاً على معطيات وتأملات وتحليلات جمعتها وركبتها وانتجت من خلالها هذه التدوينة، لكن يبقى في النهاية مجهود بشري يحتمل الصواب والخطأ.

-مقال كتب بتاريخ 14/08/2017

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

-ورقة تقنية حول تراتبية القواعد القانونية بالمغرب

مريم ابليل. -ورقة تقنية حول تراتبية القواعدالقانونية بالمغرب. يعتبر النظام القانوني بمثابة بناء يتكون من عدة طوابق، وبهرمية وتراتبية تتشكل –إذا جاز التعبير_-   من قواعد قانونية بطوابق متعددة، كما نظر لذلك الفيلسوف القانوني Hans KELSEN ، بقوله " يؤدي هذا البناء في مجمله إلى القاعدة القانونية التي تتربع في قمة هرمه (القانون الأساسي)، حيث تخضع لها جميع القواعد القانونية الأخرى الموجودة في هذا النظام القانوني" . وبالتالي، فإن الرقابة تشكل الضمانات الأساسية لمبدأ سمو الدستور لأنها تعد بمثابة الحامي لهذا السمو ومكرسا له. [1] ويمكن تعريف مبدأ تدرج القاعدة القانونية أو ما يسمى أيضا بالهرم التشريعي بأنها ت رتيب القواعد القانونية أو الأدوات التشريعية من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لقوتها والجهة المنوط بها إصدارها مع ضرورة الالتزام – عند التطبيق – بهذا الترتيب . [2] . ويمكن توضيح تراتبية القوانين بالمغرب من خلال الجدول التالي: -جدول: تراتبية القواعد القانونية بالمغرب. الدستور   مجموعة من القواعد القانونية التي تتولى تحديد نظام الحكم في الدولة بالإضافة إلى ...

تطور المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتشريع بين دستور 1996 ودستور 2011.

تطور المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتشريع بين دستور 1996 ودستور 2011.         إن التطور الدستوري للمملكة، سيشهد مع صدور دستور   29   يوليوز   2011، آخر دساتير عهد الاستقلال،   والذي يحتل ضمن التسلسل التاريخي للدساتير السابقة عليه، الترتيب السادس. والذي رسم توجهاته الأساسية لرئيس الدولة الملك محمد السادس   في خطابه الموجه للأمة يوم 9 مارس 2011.             أعطى المشرع الدستوري المغربي الباب الرابع من الدستور عنوان   السلطة التشريعية، والباب السادس المخصص للعلاقة بين السلط، عنون الفرع الأول منه ب: العلاقة بين الملك والسلطة التشريعية، وفي الفرع الثاني عنوان: العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية.           إن تغيير اصطلاح "البرلمان" باصطلاح السلطة التشريعية في الدستور الحالي، يدل على أن المشرع الدستوري انتقل من اعتبار البرلمان مجرد مؤسسة تمارس التشريع بالتصويت على القوانين، كما في الدساتير السابقة، إلى اعتبار البرلمان مؤسسة التي تجسد السلطة التشري...

اللجان البرلمانية الدائمة بالمغرب بين القانون والممارسة.

مريم ابليل مقال تحليلي: اللجان البرلمانية الدائمة بالمغرب بين القانون والممارسة. تعد اللجان الدائمة من بين هيئات البرلمان وأجهزته الأساسية المختصة في العمل البرلماني، فالتطورات والتحولات التي طرأت على البرلمان جعلت أعماله تكتسي طابع تقني محض، ومن المعروف أن المجالس التشريعية لا يمكن أن تقوم بكامل هيئاتها بدراسة القوانين بشكل دقيق نظرا لكثرة عدد أعضائها وصعوبة التئامها بسرعة وبطء إجراءاتها وانعدام التخصص فيها، ومن هنا برزت الحاجة إلى لإسناد هذه الأعمال إلى أعضاء برلمانيين مختصين وذوو كفاءة عالية.وتنقسم اللجان البرلمانية إلى لجان دائمة وأخرى مؤقتة ولجان تقصي الحقائق، وتعتبر اللجان البرلمانية أداة فعالة لممارسة البرلمان لاختصاصاته. واعتبر الباحث في العلوم السياسية والقانون العام ياسين بويركل أن اللجان البرلمانية الدائمة صورة مصغرة للمجلس التابعة له من حيث تُمَثَل فيها كل الفرق البرلمانية والمجموعات النيابية وباقي النواب بشكل يطابق تشكيلة المجلس وذلك وفق مبدأ التمثيل النسبي للفرق. وتكون اللجان البرلمانية الدائمة متخصصة في مجال محدد، ويحدد تخصصها حسبت تنوع القطاعات الوزارية، ويس...