التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفئات المقهورة والمكتسبات الدستورية. "حق المعاقين في الوصول إلى المعلومة" .


مريم ابليل .

  عرف المغرب إصلاحات دستورية مهمة سنة 2011 جاء بها الدستور السادس للمملكة، إصلاحات تعبر عن مكتسبات مهمة على المستوى الحقوقي والسياسي والقانوني. وكان المحدد الأساسي لهذه التطورات الدستورية متعلق بالوضع السياسي الذي عرفته المنطقة مع الربيع العربي. وبقي السؤال حول كيفية استثمار المكتسبات الدستورية؟ وكيفية تنزيلها؟ وكيفية تعامل مختلف الفاعلين معها؟
                يعتبر حق الحصول على المعلومات حقا من الحقوق والحريات الأساسية التي نص عليها الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011، ولاسيما الفصل 27 منه.
يكرس حق الوصول إلى المعلومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وبمقتضيات المادة 19 من الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي ألزمت الإدارات العمومية بضرورة تمكين المواطنين من الحصول على المعلومات واتخاذ التدابير الكفيلة لممارستهم لهذا الحق، تعزيزا للشفافية وترسيخا لثقافة الحكامة الجيدة.
يكتسي حق الحصول على المعلومات أهمية كبيرة في تعميق الديمقراطية قيما ومبادئ وممارسة، يأتي مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات ليشكل ترجمة فعلية وملموسة لتنزيل مقتضيات الدستور ومتطلباته القانونية والمؤسساتية، وتعبيرا واضحا عن إرادة سياسية أكيدة تستجيب للحاجيات التي عبر عنها التطور الكمي والنوعي للإدارة والمجتمع.
في هذا السياق نظمت كل من "منظمة المادة 19" وجمعية "عدالة" مبادرة Blog Tour" " وهي عبارة عن قافلة منظمة لفائدة صحفيين ومدونيين حول توعية من أجل الحق في الوصول إلى المعلومة والأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك أيام 17-18-19-20 أكتوبر 2018 بمدن الرباط الخميسات ومكناس.
شاركت في القافلة بصفتي مدونة في مجال القانون الدستوري، وحاولت تحليل تنزيل الحق الدستوري في وصول الأشخاص ذوي إعاقة  للمعلومة على أرض الواقع وذلك من خلال حضور مختلف اللقاءات مع الفاعلين الحكوميين وممثلي المؤسسات الدستورية وكذا جمعيات المعاقين، والمشاركة في النقاش قصد الوصول إلى خلاصة من زاوية دستورية/قانونية أبرز فيها أهمية تطبيق قانون الحق في الوصول للمعلومة خاصة بنسبة للأشخاص المعاقين، باعتبارهم فئة مجتمعية تعاني فوق القهر قهرا.

-لقاءات مع مسؤولين حكوميين:

أهم الملاحظات بالنسبة للقاء مع السيدة وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية:
-قبول اللقاء مع القافلة كانت خطوة مهمة تعبر عن تفاعل الفاعل الحكومي مع المجتمع المدني.
-تفاعل إجابي بخصوص مقترح إضافة تعديل بخصوص "حق الأشخاص ذوي إعاقة في الوصول إلى المعلومة" في قانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
- إعترافها بالاشكالات التي تعرفها الوزارة بخصوص الأرشفة والوثائق.
أهم الخلاصات بخصوص لقاء مع مندوب بوزارة الصحة إقليم الخميسات و مدير المستشفى  الإقليمي للخميسات:
-اتسم اللقاء بتحفظ المسؤولين على المعلومات، وإلقاء مسؤولية جميع المشاكل إلى المركز وباقي الفاعلين وقلة الموارد.
أهم الخلاصات بخصوص لقاء مع مسؤولين بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان:
-أثار موضوع القافلة إهتمام ممثلي هذه المؤسسة الدستورية، وكانت أهم فكرة في اللقاء أن الدور الاستشاري للمؤسسة نادرا ما يتم اللجوء إليه سواء من طرف الحكومة أو البرلمان، مما يغيب الصبغة الحقوقية عن عدد من القضايا.
-أهم الملاحظات عن القاءات بالجمعيات (الجمعية المغربية لمساندة الأشخاص ذوي التثلث الصبغي. الجمعية الاسماعيلية للمعاقين):
-عبرت الجمعيات عن الصعوبة التي تجدها في الوصول إلى المعلومة.
-يتضح جليا أن الجمعيات للآن لا تستطيع استغلال المكتسبات الدستورية المتعلقة بتقديم العرائض والملتمسات، بل حتى لا تعرف كيفية ممارسة هذه الحقوق.

بناءا على كل ما سبق تم التوصل إلى الخلاصات الآتية:
-تأخر على مستوى الاعتراف القانوني بحقوق المعاقين في الولوج، ووجود تفاوت بين التشريعات والممارسة.
-غياب التزام من طرف المغرب فيما يخص لغات التواصل الولوجة، إضافة لمحدودية التجربة المغربية في مجال تعليم وترجمة ونشر لغة الاشارة وبرايل.
-القانون المغربي لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة لا يضع إطار واضح لولوجهم إلى المعلومة؛ محدودية مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومة.
-ضعف التكوين القانوني للمجتمع المدني مما يحول دون ممارسة هذا الأخير للعدد من المكتسبات الدستورية التي قد تسهل حصولهم على المعلومة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

-ورقة تقنية حول تراتبية القواعد القانونية بالمغرب

مريم ابليل. -ورقة تقنية حول تراتبية القواعدالقانونية بالمغرب. يعتبر النظام القانوني بمثابة بناء يتكون من عدة طوابق، وبهرمية وتراتبية تتشكل –إذا جاز التعبير_-   من قواعد قانونية بطوابق متعددة، كما نظر لذلك الفيلسوف القانوني Hans KELSEN ، بقوله " يؤدي هذا البناء في مجمله إلى القاعدة القانونية التي تتربع في قمة هرمه (القانون الأساسي)، حيث تخضع لها جميع القواعد القانونية الأخرى الموجودة في هذا النظام القانوني" . وبالتالي، فإن الرقابة تشكل الضمانات الأساسية لمبدأ سمو الدستور لأنها تعد بمثابة الحامي لهذا السمو ومكرسا له. [1] ويمكن تعريف مبدأ تدرج القاعدة القانونية أو ما يسمى أيضا بالهرم التشريعي بأنها ت رتيب القواعد القانونية أو الأدوات التشريعية من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لقوتها والجهة المنوط بها إصدارها مع ضرورة الالتزام – عند التطبيق – بهذا الترتيب . [2] . ويمكن توضيح تراتبية القوانين بالمغرب من خلال الجدول التالي: -جدول: تراتبية القواعد القانونية بالمغرب. الدستور   مجموعة من القواعد القانونية التي تتولى تحديد نظام الحكم في الدولة بالإضافة إلى ...

تطور المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتشريع بين دستور 1996 ودستور 2011.

تطور المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتشريع بين دستور 1996 ودستور 2011.         إن التطور الدستوري للمملكة، سيشهد مع صدور دستور   29   يوليوز   2011، آخر دساتير عهد الاستقلال،   والذي يحتل ضمن التسلسل التاريخي للدساتير السابقة عليه، الترتيب السادس. والذي رسم توجهاته الأساسية لرئيس الدولة الملك محمد السادس   في خطابه الموجه للأمة يوم 9 مارس 2011.             أعطى المشرع الدستوري المغربي الباب الرابع من الدستور عنوان   السلطة التشريعية، والباب السادس المخصص للعلاقة بين السلط، عنون الفرع الأول منه ب: العلاقة بين الملك والسلطة التشريعية، وفي الفرع الثاني عنوان: العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية.           إن تغيير اصطلاح "البرلمان" باصطلاح السلطة التشريعية في الدستور الحالي، يدل على أن المشرع الدستوري انتقل من اعتبار البرلمان مجرد مؤسسة تمارس التشريع بالتصويت على القوانين، كما في الدساتير السابقة، إلى اعتبار البرلمان مؤسسة التي تجسد السلطة التشري...

اللجان البرلمانية الدائمة بالمغرب بين القانون والممارسة.

مريم ابليل مقال تحليلي: اللجان البرلمانية الدائمة بالمغرب بين القانون والممارسة. تعد اللجان الدائمة من بين هيئات البرلمان وأجهزته الأساسية المختصة في العمل البرلماني، فالتطورات والتحولات التي طرأت على البرلمان جعلت أعماله تكتسي طابع تقني محض، ومن المعروف أن المجالس التشريعية لا يمكن أن تقوم بكامل هيئاتها بدراسة القوانين بشكل دقيق نظرا لكثرة عدد أعضائها وصعوبة التئامها بسرعة وبطء إجراءاتها وانعدام التخصص فيها، ومن هنا برزت الحاجة إلى لإسناد هذه الأعمال إلى أعضاء برلمانيين مختصين وذوو كفاءة عالية.وتنقسم اللجان البرلمانية إلى لجان دائمة وأخرى مؤقتة ولجان تقصي الحقائق، وتعتبر اللجان البرلمانية أداة فعالة لممارسة البرلمان لاختصاصاته. واعتبر الباحث في العلوم السياسية والقانون العام ياسين بويركل أن اللجان البرلمانية الدائمة صورة مصغرة للمجلس التابعة له من حيث تُمَثَل فيها كل الفرق البرلمانية والمجموعات النيابية وباقي النواب بشكل يطابق تشكيلة المجلس وذلك وفق مبدأ التمثيل النسبي للفرق. وتكون اللجان البرلمانية الدائمة متخصصة في مجال محدد، ويحدد تخصصها حسبت تنوع القطاعات الوزارية، ويس...