التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نظرة على التمييز العنصري من خلال أهم قرارات المحكمة العليا الأمريكية. A look at racial discrimination through the decisions Most important of Supreme Court of the United States.


سنتحدث في هذا المقال عن التميز العنصري من خلال قضية مهمة عرفها القضاء الأمريكي، وهي قضية Plessy VS Ferguson لسنة 1896، في هذا القرار[1] ارتكزت المحكمة العليا الأمريكية[2] على تفسير خاطئ للتعديل الرابع عشر (1868) من الدستور الأمريكي[3]، يسمح بالميز العنصري، بحيث تم تفسير المساواة على أساس المساواة مبين الأشخاص من نفس الجنس، وأن المساواة لا تتعارض مع الفصل العنصري، هذا القرار أضفى مشروعية لقوانين الولايات التي ـأرست الميز بين الأمريكيين البيض والأمريكيين السود.

وترجع حيثيات القضية أنه ولاية لويزيانا في عام 1890 ، سنت قانونًا منفصلًا للسيارات يفرض على شركات السكك الحديدية التي تنقل الركاب في لويزيانا تخصيص سيارات مختلفة لأشخاص من أعراق مختلفة . وأوجبت على الركاب استخدام السيارات والمقصورات المخصصة لهم ، تحت طائلة غرامة قدرها خمسة وعشرون دولارًا أو 20 يومًا في السجن.

 وفي عام 1892 كتحدي لقانون السيارات المنفصلة في لويزيانا (1890)، شكلت مجموعة من المتخصصين لجنة المواطنين لرفع دعوى اختبار دستورية قانون السيارات المنفصلة. وظفوا ألبيون تورجيه ، وهو قاضي في حقبة إعادة الإعمار ومصلح اجتماعي ، كمستشار قانوني لهم.
اختارت اللجنة شخصا من عرق مختلط من أجل دعم ادعائها بأنه لا يمكن تطبيق هذا القانون، لأنه فشل في تحديد الأجناس المختلطة.

اشترى المتطوع في القضية هومر بليسي ، الذي كان رجل أبيض  من أصل إفريقي ، تذكرة سكة حديد للسفر داخل لويزيانا وشغل مقعدًا في سيارة مخصصة للركاب البيض. بعد رفضه الانتقال إلى سيارة للأمريكيين من أصل أفريقي، ألقي القبض عليه ووجهت إليه تهمة انتهاك قانون السيارات المنفصلة. في محاكمة بليسي في محكمة الولايات المتحدة المحلية، رفض القاضي محكمة لويزيانا جون هـ. فيرجسون زعم أن هذا الفعل غير دستوري. بعد أن أكدت المحكمة العليا للولاية قرار المحكمة المحلية ، منحت المحكمة العليا في الولايات المتحدة شهادة ، وتم الاستماع إلى الحجج الشفوية في 13 أبريل 1896. أصدرت المحكمة قرارها بعد شهر واحد ، في 18 مايو.[4]
         وبهذا عللت المحكمة قراراها بكون القانون "دستوري"، ولا يختلف مع مضمون التعديل الرابع عشر، بكون التعديل كان هدفه هو تطبيق المساواة المطلقة بين العرقين أمام القانون ، ولكن  لم يكن القصد منه إلغاء التمييز على أساس اللون ، أو لفرض التمييز الاجتماعي.

كما جاء في قرار المحكمة العليا الأمريكية:
"The object of the amendment was undoubtedly to enforce the absolute equality of the two races before the law, but, in the nature of things, it could not have been intended to abolish distinctions based upon color, or to enforce social, as distinguished from political, equality, or a commingling of the two races upon terms unsatisfactory to either. Laws permitting, and even requiring, their separation in places where they are liable to be brought into contact do not necessarily imply the inferiority of either race to the other, and have been generally, if not universally, recognized as within the competency of the state legislatures in the exercise of their police power. The most common instance of this is connected with the establishment of separate schools for white and colored children, which has been held to be a valid exercise of the legislative power even by courts of States where the political rights of the colored race have been longest and most earnestly enforced."[5]

         هذا القرار صوت عليه 7 أعضاء وعارضه عضو واحد. القاضي الذي عارضه هو  جون مارشال هارلان  [6]John Marshall Harlanأعطى رأي مخالف، Dissenting Opinion، وقال جون مارشال هرلان أن العنصر الأبيض يعتبر نفسه عنصرا رائدا في هذا البلد نظرا للسلطة والمال والتفوق السياسي الذي حققه، ولا شك في أنه سيبقى كذلك إذا بقي وفيا لإرثه العظيم، ولكن بالنظر للدستور والقانون فإنه لا يوجد في هذه البلد طبقة حاكمة أو مسيطرة. لا طائفة هنا، إن دستورنا أعمى من حيث الألوان[7]. لا أحد يعترف ويسمح بوجود طبقات بين الناس، كل المواطنين متساوين أمام القانون، وأن أدناهم نظير أعلاهم. إن القانون ينظر للناس بوصفها شخص.
وإنه لمن المؤسف أن تكون المحكمة العليا الضامنة الأساسي لتطبيق الدستور في البلاد، وتصل لخلاصة أن من حق الولايات المتحدة الأمريكية أن تنظم المواطنين على أساس عرقهم.
وبهذا يكون القاضي جون مارشال هارلان يؤكد أن قانون فصل السيارات يكرس الدونية لدى الأمريكيين من أصل أفريقي ، وبهذا فالقانون فيه انتهاك للتعديل الرابع عشر، وفقا لهارلان. وقال إن القانون يتدخل في الحرية الشخصية وحرية الحركة لكل من الأميركيين الأفارقة والبيض. وأن مقتضياته تقوم بتنظيم الحقوق المدنية للمواطنين على أساس تعسفي من عرقهم، واعتبر أن هذا القانون يتنافى ومبدأ المساواة القانونية الذي يقوم عليه بند الحماية المتساوية الوارد في التعديل الرابع عشر. وكتب هارلان: "دستورنا عمياء اللون".

     Because it presupposed—and was universally understood to presuppose—the inferiority of African Americans, the act imposed a badge of servitude upon them in violation of the Thirteenth Amendment, according to Harlan. The effect of the law, he argued, was to interfere with the personal liberty and freedom of movement of both African Americans and whites. Because it thus attempted to regulate the civil rights of citizens on the arbitrary basis of their race, the act was repugnant to the principle of legal equality underlying the Fourteenth Amendment’s equal-protection clause. "Our Constitution is color-blind," Harlan wrote[8].

عرف قرار المحكمة العليا الأمريكية المتعلق بقضية Plessy VS Ferguson لسنة 1896 قرار سيء السمعة Infamous  ، وهذا الذي عبر عنه القاضي هارلان. وبلفعل رأي أقلية اليوم، سيصبح رأي الأغلبية لاحقا. بحيث تم التراجع عن القرار من طرف المحكمة العليا الأمريكية بعد ستين سنة، وذلك بمناسبة قضية  Brown vs Board of Education لسنة 1953. وترجع أحداث القضية لدعوى مدنية رفعها عدد من أولياء التلاميذ يطلبون من إدارة  التربية التراجع عن سياسة الفصل العنصري.

وبهذا أعلنت المحكمة العليا الأمريكية أن القوانين التي تنص على إنشاء مدارس عامة منفصلة للطلاب السود والبيض غير دستورية، وتعتبر هذه القضية من أبرز القضايا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. بحيث تخلت المحكمة العليا عن اجتهادها السابق واعتبرت الفصل العنصري مخالف للدستور. وتم اتخاذ الحكم بالإجماع.

-مريم ابليل




[1]  قرار بليسي ضد فيرجسون رقم 210، الصادر بتاريخ 18 ماي 1896
[2] المحكمة العليا للولايات المتحدة هي أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة
[3] "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها. ولا يجوز لأية ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة. كما لا يجوز لأية ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين." دستور الولايات المتحدة الأمريكية.
[4] للمزيد من التفاصيل راجع: www.britannica.com/event/Plessy-v-Ferguson-1896 تم الإطلاع عليه بتاريخ 2019/03/19.
[5] انظر موقع المحكمة العليا الأمريكية على الرابط التالي: supreme.justia.com/cases/federal/us/163/537/#540 تم الإطلاع عليه بتاريخ: 2019/03/19.
[6] جون مارشال هارلان (1 يونيو 1833 - 14 أكتوبر 1911) هو رجل قانون أمريكي ، قاضي المحكمة العليا من 1877 حتى وفاته.
[7] محاضرات للأستاذ ندير المومني في مناهج تأويل الدستور/ Modes of Constitutional Interpretation في حصة اللغة الإنجليزية القانونية، ألقيت على طلبة السنة ثانية ماستر "العمل السياسي والعدالة الدستورية" في كلية الحقوق السويسي، الرباط. الموسم الجامعي 2018/2019.
[8] للإطلاع أكثر أنظر : www.britannica.com/event/Plessy-v-Ferguson-1896، مرجع سابق.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

-ورقة تقنية حول تراتبية القواعد القانونية بالمغرب

مريم ابليل. -ورقة تقنية حول تراتبية القواعدالقانونية بالمغرب. يعتبر النظام القانوني بمثابة بناء يتكون من عدة طوابق، وبهرمية وتراتبية تتشكل –إذا جاز التعبير_-   من قواعد قانونية بطوابق متعددة، كما نظر لذلك الفيلسوف القانوني Hans KELSEN ، بقوله " يؤدي هذا البناء في مجمله إلى القاعدة القانونية التي تتربع في قمة هرمه (القانون الأساسي)، حيث تخضع لها جميع القواعد القانونية الأخرى الموجودة في هذا النظام القانوني" . وبالتالي، فإن الرقابة تشكل الضمانات الأساسية لمبدأ سمو الدستور لأنها تعد بمثابة الحامي لهذا السمو ومكرسا له. [1] ويمكن تعريف مبدأ تدرج القاعدة القانونية أو ما يسمى أيضا بالهرم التشريعي بأنها ت رتيب القواعد القانونية أو الأدوات التشريعية من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لقوتها والجهة المنوط بها إصدارها مع ضرورة الالتزام – عند التطبيق – بهذا الترتيب . [2] . ويمكن توضيح تراتبية القوانين بالمغرب من خلال الجدول التالي: -جدول: تراتبية القواعد القانونية بالمغرب. الدستور   مجموعة من القواعد القانونية التي تتولى تحديد نظام الحكم في الدولة بالإضافة إلى ...

تطور المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتشريع بين دستور 1996 ودستور 2011.

تطور المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتشريع بين دستور 1996 ودستور 2011.         إن التطور الدستوري للمملكة، سيشهد مع صدور دستور   29   يوليوز   2011، آخر دساتير عهد الاستقلال،   والذي يحتل ضمن التسلسل التاريخي للدساتير السابقة عليه، الترتيب السادس. والذي رسم توجهاته الأساسية لرئيس الدولة الملك محمد السادس   في خطابه الموجه للأمة يوم 9 مارس 2011.             أعطى المشرع الدستوري المغربي الباب الرابع من الدستور عنوان   السلطة التشريعية، والباب السادس المخصص للعلاقة بين السلط، عنون الفرع الأول منه ب: العلاقة بين الملك والسلطة التشريعية، وفي الفرع الثاني عنوان: العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية.           إن تغيير اصطلاح "البرلمان" باصطلاح السلطة التشريعية في الدستور الحالي، يدل على أن المشرع الدستوري انتقل من اعتبار البرلمان مجرد مؤسسة تمارس التشريع بالتصويت على القوانين، كما في الدساتير السابقة، إلى اعتبار البرلمان مؤسسة التي تجسد السلطة التشري...

اللجان البرلمانية الدائمة بالمغرب بين القانون والممارسة.

مريم ابليل مقال تحليلي: اللجان البرلمانية الدائمة بالمغرب بين القانون والممارسة. تعد اللجان الدائمة من بين هيئات البرلمان وأجهزته الأساسية المختصة في العمل البرلماني، فالتطورات والتحولات التي طرأت على البرلمان جعلت أعماله تكتسي طابع تقني محض، ومن المعروف أن المجالس التشريعية لا يمكن أن تقوم بكامل هيئاتها بدراسة القوانين بشكل دقيق نظرا لكثرة عدد أعضائها وصعوبة التئامها بسرعة وبطء إجراءاتها وانعدام التخصص فيها، ومن هنا برزت الحاجة إلى لإسناد هذه الأعمال إلى أعضاء برلمانيين مختصين وذوو كفاءة عالية.وتنقسم اللجان البرلمانية إلى لجان دائمة وأخرى مؤقتة ولجان تقصي الحقائق، وتعتبر اللجان البرلمانية أداة فعالة لممارسة البرلمان لاختصاصاته. واعتبر الباحث في العلوم السياسية والقانون العام ياسين بويركل أن اللجان البرلمانية الدائمة صورة مصغرة للمجلس التابعة له من حيث تُمَثَل فيها كل الفرق البرلمانية والمجموعات النيابية وباقي النواب بشكل يطابق تشكيلة المجلس وذلك وفق مبدأ التمثيل النسبي للفرق. وتكون اللجان البرلمانية الدائمة متخصصة في مجال محدد، ويحدد تخصصها حسبت تنوع القطاعات الوزارية، ويس...